الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وقال غيره: آثمتموها بالنفاق {وتربَّصتم} فيه قولان.أحدهما: تربَّصتم بالتوبة.والثاني: تربَّصتم بمحمد الموتَ، وقلتم: يوشك أن يموت فنستريح {وارتبتم} شككتم في الحق {وغرَّتكم الأمانيُّ} يعني: ما كانوا يتمنَّون من نزول الدوائر بالمؤمنين {حتى جاء أمر الله} وفيه قولان.أحدهما: أنه الموت.والثاني: إلقاؤهم في النار {وغركم بالله الغَرور} أي: غركم الشطيان بحكم الله وإمهاله {فاليوم لا يؤخذ منكم فدية} وقرأ أبو جعفر، وابن عامر، ويعقوب {لا تؤخذ} بالتاء، أي: بدل وعوض عن عذابكم.وهذا خطاب للمنافقين، ولهذا قال تعالى: {ولا من الذين كفروا}.قوله تعالى: {هي مولاكم} قال أبو عبيدة: أي: أولى بكم. اهـ.
.قال الخازن: قوله: {سبح لله ما في السموات والأرض} يعني كل ذي روح وغيره يسبح الله تعالى فتسبيح العقلاء تنزيه الله عن كل سوء وعما لا يليق بجلاله وتسبيح غير العقلاء من ناطق وجماد اختلفوا فيه فقيل تسبيحه دلالته على صانعه فكأنه ناطق بتسبيحه وقيل تسبيحه بالقول يدل عليه قوله: {ولكن لا تفقهون تسبيحهم} أي قولهم والحق أن التسبيح هو القول الذي لا يصدر إلا من العاقل العارف بالله تعالى وما سوى العاقل ففي تسبيحه وجهان أحدهما أنها تدل على تعظيمه وتنزيهه والثاني أن جميع الموجودات بأسرها منقادة له يتصرف فيها كيف يشاء فإن حملنا التسبيح المذكور في الآية على القول كان المراد بقوله ما في السموات والأرض من في السموات وهم الملائكة ومسبحي الأرض وهم المؤمنون العارفون بالله وإن حملنا التسبيح على التسبيح المعنوي فجميع أجزاء السموات وما فيها من شمس وقمر ونجوم وغير ذلك وجميع ذرات الأرضين وما فيها من جبال وبحار وشجر ودواب وغيره ذلك كلها مسبحة خاشعة خاضعة لجلال عظمة الله جل جلاله وتقدست أسماؤه وصفاته منقادة له يتصرف فيها كيف يشاء.فإن قلت قد جاء في بعض فواتح السور سبح بلفظ الماضي وفي بعضها يسبح بلفظ المضارع فما معناه.قلت فيه إشارة إلى كون جميع الأشياء مسبحًا لله أبدًا غير مختص بوقت دون وقت بل هي كانت مسبحة أبدًا في الماضي وستكون مسبحة أبدًا في المستقبل {وهو العزيز} أي الغالب الكامل القدرة الذي لا ينازعه شيء، {الحكيم} أي الذي جميع أفعاله على وفق الحكمة والصواب {له ملك السموات والأرض} أي أنه الغني عن جميع خلقه وكلهم محتاجون إليه، {يحيي ويميت} أي يحيي الأموات للبعث ويميت الأحياء في الدنيا {وهو على كل شيء قدير} قوله: {هو الأول والآخر والظاهر والباطن} يعني هو الأول قبل كل شيء بلا ابتداء كان هو ولم يكن شيء موجودًا والآخر بعد فناء كل أحد بلا انتهاء يفني الأشياء ويبقى هو والظاهر الغالب العالي على كل شيء والباطن العالم بكل شيء هذا معنى قول ابن عباس وقيل هو الأول بوجوده ليس قبله شيء والآخر ليس بعده شيء وقيل هو الأول بوجوده في الأزل وقيل الابتداء والآخر بوجوده في الأبد وبعد الانتهاء والظاهر بالدلائل الدالة على وحدانيته والباطن الذي احتجب عن العقول أن تكيفه، وقيل هو الأول الذي سبق وجوده كل موجود والآخر الذي يبقى بعد كل مفقود وقال الإمام أبو بكر بن الباقلاني معناه أنه تعالى الباقي بصفاته من العلم والقدرة وغيرهما التي كان عليها في الأزل، ويكون كذلك بعد موت الخلائق وذهاب علومهم وقدرهم وحواسهم وتفرق أجسامهم قال وتعلقت المعتزلة بهذا الاسم فاحتجوا لمذهبهم في فناء الأجسام وذهابها بالكلية قالوا معناه أنه الباقي بعد فناء خلقه ومذهب أهل الحق يعني أهل السنة بخلاف ذلك وأن المراد الآخر بصفاته بعد ذهاب صفاتهم كما يقال آخر من بقي من بني فلان فلان يراد حياته ولا يراد فناء أجسام موتاه وذهابها بالكلية هذا آخر كلام ابن الباقلاني، وقيل هو الأول السابق للأشياء والآخر الباقي بعد فناء الأحياء والظاهر بحججه الباهرة وبراهينه النيرة الزاهرة وشواهده الدالة على وحدانيته والباطن الذي احتجب عن أبصار الخلق فلا تستوي عليه الكيفية وقيل هو الأول القديم والآخر الرحيم والظاهر الحكيم والباطن العليم، وقيل هو الأول ببره إذ عرفك توحيده والآخر بجوده إذ عرفك طريق التوبة عما جنيت والظاهر بتوفيقه إذ وفقك للسجود له والباطن بستره إذا عصيت يستر عليك، وقال الجنيد هو الأول بشرح القلوب والآخر بغفران الذنوب والظاهر بكشف الكروب والباطن بعلم الغيوب وسأل عمر كعبًا عن هذه الآية فقال معناها أن علمه بالأول كعلمه بالآخر وعلمه الظاهر كعلمه بالباطن {وهو بكل شيء عليم} (م) عن سهيل بن أبي صالح قال كان أبو صالح يأمرنا إذا أراد أحدنا أن ينام أن يضطجع على شقه الأيمن ثم يقول «اللهم رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء فالق الحب والنوى منزل التوراة والإنجيل والقرآن أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته» وفي رواية «من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر» وكان يروى ذلك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي هريرة أيضًا قال:«بينما النبي صلى الله عليه وسلم جالس وأصحابه إذ أتى عليهم سحاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتدرون ما هذا؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال هذه العنان هذه روايا الأرض يسوقها الله تعالى إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه ثم قال هل تدرون ما فوقكم؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال فإنها الرقيع سقف محفوظ وموج مكفوف ثم قال هل بينكم وبينها؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال بينكم وبينها خمسمائة سنة ثم قال هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال سماءان بعد ما بينهما خمسمائة سنة حتى عد سبع سموات ما بين كل سماء كما بين السماء والأرض، ثم قال هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال فإن فوق ذلك العرش وبينه وبين السماء بعد ما بين السماءين ثم قال هل تدرون ما الذي تحتكم؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال فإنها الأرض ثم قال هل تدرون ما الذي تحت ذلك؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال فإن تحتها أرضًا أخرى بينهما مسيرة خمسمائة سنة حتى عد سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة ثم قال والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم بحبل إلى الأرض السابعة السفلى لهبط على الله ثم قرأ هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم».{يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وهو عليم بذات الصدور} تقدم تفسيره.قوله تعالى: {آمنوا بالله ورسوله} لما ذكر أنواعًا من الدلائل الدالة على التوحيد والعلم والقدرة شرع يخاطب كفار قريش ويأمرهم بالإيمان بالله ورسوله ويأمرهم بترك الدنيا والإعراض عنها والنفقة في جميع وجوه البر وهو قوله تعالى: {وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه} يعني المال الذي كان بيد غيركم فأهلكهم وأعطاكم إياه فكنتم في ذلك المال خلفاء عمن مضى {فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم} يعني وأي عذر لكم في ترك الإيمان بالله والرسول يدعوكم إليه وينبهكم عليه ويتلو عليكم الكتاب الناطق بالبرهان والحجج، {وقد أخذ ميثاقكم} أي أخذ الله ميثاقكم حين أخرجكم من ظهر آدم عليه السلام بأن الله ربكم لا إله لكم سواه وقيل أخذ ميثاقكم حيث ركب فيكم العقول ونصب لكم الأدلة والبراهين والحجج التي تدعو إلى متابعة الرسول، {إن كنتم مؤمنين} أي يومًا ما فالآن أحرى الأوقات أن تؤمنوا لقيام الحجج والإعلام ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو قوله تعالى: {هو الذي ينزل على عبده} يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم {آيات بينات} يعني القرآن {ليخرجكم} يعني الله بالقرآن وقيل الرسول بالدعوة {من الظلمات إلى النور} أي من ظلمات الشرك إلى نور الإيمان {وإن الله بكم لرؤوف رحيم} قوله تعالى: {وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السموات والأرض} يقول أي شيء لكم في ترك الإنفاق فيما يقربكم من الله تعالى وأنتم ميتون تاركون أموالكم لغيركم فالأولى أن تنفقوها أنتم فيما يقربكم إلى الله تعالى وتستحقون به الثواب ثم بين فضل من سبق بالإنفاق في سبيل الله وبالجهاد فقال تعالى: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل} يعني فتح مكة في قول أكثر المفسرين وقيل هو صلح الحديبية، والمعنى لا يستوي في الفضل من أنفق ماله وقاتل العدو مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قبل فتح مكة مع من أنفق ماله وقاتل بعد الفتح {أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا} قال الكلبي إن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق لأنه أول من أسلم وأول من أنفق ماله في سبيل الله وذهب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال عبد الله بن مسعود أول من أظهر إسلامه سبع منهم النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وروى البغوي بإسناد الثعلبي عن ابن عمر قال «كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أبو بكر وعليه عباءة قد خلها في صدره بخلال فنزل جبريل فقال ما لي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خلها في صدره بخلال فقال أنفق ماله على قبل الفتح قال فإن الله يقول اقرأ عليه السلام وقل له أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر إن الله يقرئك السلام ويقول لك أراض أنت في فقرك هذا أم ساخط فقال أبو بكر أأسخط على ربي إني على ربي راض إني على ربي راض».{من ذا الذي يقرض الله قرضًا حسنًا} أي صادقًا محتسبًا بالصدقة طيبة بها نفسه وسمي هذا الإنفاق قرضًا من حيث إنه وعد به الجنة تشبيهًا بالقرض قال بعض العلماء القرض لا يكون حسنًا حتى تجمع فيه أوصاف عشرة وهي أن يكون المال من الحلال وأن يكون من أجود المال وأن تتصدق به وأنت محتاج إليه وأن تصرف صدقتك إلى الأحوج إليها وأن تكتم الصدقة ما أمكنك وأن لا تتبعها بالمن والأذى وأن تقصد بها وجه الله ولا ترائي بها الناس وأن تستحقر ما تعطي وتتصدق به وإن كان كثيرًا وأن يكون من أحب أموالك إليك وأن لا ترى عز نفسك وذل الفقير فهذه عشرة أوصاف إذا اجتمعت في الصدقة كانت قرضًا حسنًا، {فيضاعفه له} يعني يعطيه أجره على إنفاقه مضاعفًا، {وله أجر كريم} يعني وذلك الأجر كريم في نفسه.قوله: {يوم ترى المؤمنين والمؤمنات} يعني على الصراط {يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم} أي عن أيمانهم وقيل أراد جميع الجوانب فعبر بالبعض عن الكل وذلك دليلهم إلى الجنة، وقال قتادة ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «من المؤمنين من يضيء نوره من المدينة إلى عدن أبين وصنعاء ودون ذلك حتى إن من المؤمنين من لا يضيء نوره إلا موضع قدميه» وقال عبد الله بن مسعود يؤتون نورهم على قدر أعمالهم فمنهم من يؤتي نوره كالنخلة ومنهم من يؤتي نوره كالرجل القائم وأدناهم نورًا من نوره على إبهامه فيطفأ مرة ويوقد مرة وقيل في معنى الآية يسعى نورهم بين أيديهم أي يعطون كتبهم بأيمانهم وتقول لهم الملائكة {بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا} أي انتظرونا {نقتبس من نوركم} أي نستضيء من نوركم قيل تغشى الناس ظلمة شديدة يوم القيامة فيعطي الله المؤمنين نورًا على قدر أعمالهم يمشون به على الصراط ويعطي المنافقين أيضًا نورًا خديعة لهم فبينما هم يمشون إذ بعث الله ريحًا وظلمة فأطفأت نور المنافقين فذلك قوله تعالى: {يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا} مخافة أن يسلبوا نورهم كما سلب نور المنافقين وقيل بل يستضيئون بنور المؤمنين ولا يعطون النور فإذا سبقهم المؤمنون بقوا في الظلمة وقالوا للمؤمنين انظرونا نقتبس من نوركم، {قيل ارجعوا وراءكم} قال ابن عباس يقول لهم المؤمنون وقيل يقول لهم الملائكة ارجعوا وراءكم من حيث جئتم وقيل ارجعوا إلى الدنيا فاعملوا فيها أعمالًا يجعلها الله لكم نورًا وقيل معناه لا نور لكم عندنا فارجعوا وراءكم {فالتمسوا} أي اطلبوا لأنفسكم هناك {نورًا} أي لا سبيل لكم إلى الاقتباس من نورنا فيرجعون في طلب النور فلا يجدون شيئًا فينصرفون إليهم ليلقوهم فيميز بينهم وبين المؤمنين فذلك قوله تعالى: {فضرب بينهم} أي المؤمنين والمنافقين {بسور} وهو حائط بين الجنة والنار {له} أي لذلك السور {باب باطنه فيه الرحمة} أي في باطن ذلك السور الرحمة وهي الجنة {وظاهره من قبله العذاب} أي من قبل ذلك الظاهر العذاب وهو النار وروي عن عبد الله بن عمر قال إن السور الذي ذكر في القرآن هو سور بيت المقدس الشرقي باطنه فيه المسجد وظاهره من قبله العذاب وادي جهنم وقال ابن شريح كان كعب يقول في الباب الذي يسمى باب الرحمة في بيت المقدس إنه الباب الذي قال الله تعالى: {فضرب بينهم بسور له باب} الآية.{ينادونهم} يعني ينادي المنافقون المؤمنين من وراء ذلك السور حين حجز بينهم وبقوا في الظلمة {ألم نكن معكم} أي في الدنيا نصلي ونصوم {قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم} أي أهلكتموها بالنفاق والكفر واستعملتموها في المعاصي والشهوات وكلها فتنة {وتربصتم} أي بالإيمان والتوبة وقيل تربصتم بمحمد صلى الله عليه وسلم وقلتم يوشك أن يموت فنستريح منه {وارتبتم} أي شككتم في نبوته وفيما أوعدكم به {وغرتكم الأماني} أي الأباطيل وذلك ما كنتم تتمنون من نزول الدوائر بالمؤمنين {حتى جاء أمر الله} يعني الموت وقيل هو إلقاؤهم في النار وهو قوله تعالى: {وغركم بالله الغرور} يعني الشيطان قال قتادة ما زالوا على خدعة من الشيطان حتى قذفهم الله في النار {فاليوم لا يؤخذ منكم فدية} أي عوض وبدل بأن تفدوا أنفسكم من العذاب وقيل معناه لا يقبل منكم إيمان ولا توبة {ولا من الذين كفروا} يعني المشركين وإنما عطف الكفار على المنافقين وإن كان المنافق كافرًا في الحقيقة لأن المنافق أبطن الكفر والكافر أظهره فصار غير المنافق فحسن عطفه على المنافق {مأواكم النار} أي مصيركم، {هي مولاكم} أي وليكم وقيل هي أولى بكم لما أسلفتم من الذنوب والمعنى هي التي تلي عليكم لأنها ملكت أمركم وأسلمتم إليها فهي أولى بكم من كل شيء وقيل معنى الآية لا مولى لكم ولا ناصر لأن من كانت النار مولاه فلا مولى له {وبئس المصير}. اهـ..قال النسفي: {سَبَّحَ للَّهِ} جاء في بعض الفواتح (سبح) بلفظ الماضي، وفي بعضها بلفظ المضارع، وفي (بني إسرائيل) بلفظ المصدر، وفي (الأعلى) بلفظ الأمر استيعادًا لهذه الكلمة من جميع جهاتها وهي أربع: المصدر والماضي والمضارع والأمر.وهذا الفعل قد عُدي باللام تارة وبنفسه أخرى في قوله: {وَتُسَبّحُوهُ} [الفتح: 9] وأصله التعدي بنفسه لأن معنى سبحته بعدته من السوء منقول من سبح إذا ذهب وبعد، فاللام إما أن تكون مثل اللام في نصحته ونصحت له، وإما أن يراد بسبح الله اكتسب التسبيح لأجل الله ولوجهه خالصًا {مَا في السماوات والارض} ما يتأتى منه التسبيح ويصح {وَهُوَ العزيز} المنتقم من مكلف لم يسبح له عنادًا {الحكيم} في مجازاة من سبح له انقيادًا {لَّهُ مُلْكُ السماوات والأرض} لا لغيره وموضع {يُحْيىِ} رفع أي هو يحيي الموتى {وَيُمِيتُ} الأحياء أو نصب أي له ملك السماوات والأرض محييًا ومميتًا {وَهُوَ على كُلّ شيء قَدِيرٌ هُوَ الأول} هو القديم الذي كان قبل كل شيء {والآخر} الذي يبقي بعد هلاك كل شيء {والظاهر} بالأدلة الدالة عليه {والباطن} لكونه غير مدرك بالحواس وإن كان مرئيًا.والواو الأولى معناها الدلالة على أنه الجامع بين الصفتين الأولية والآخرية، والثالثة على أنه الجامع بين الظهور والخفاء، وأما الوسطى فعلى أنه الجامع بين مجموع الصفتين الأوليين ومجموع الصفتين الأخريين فهو مستمر الوجود في جميع الأوقات الماضية والآتية، وهو في جميعها ظاهر وباطن.
|